كان يوماً اعتيادياً في عام 1994، ذهب فيه الشاب السوري خلدون سنجاب ، 17 عاماً، مع أصدقائه في رحلة بحرية بمدينة طرطوس في سوريا. رحلة كانت هي الأخيرة قبل الحادث الذي غيّر حياته إلى الأبد. غطس خلدون من القارب ولم يقدّر قربه من اليابسة فارتطم رأسه بقعر البحر وكسرت رقبته. حادث مريع استيقظ منه خلدون بشلل رباعي تام، جعله عاجز عن تحريك كل أعضائه عدا شفتيه وعينيه، واضطره للبقاء في العناية المركزة لمدة عام كامل، قبل أن يتم نقله إلى منزل والديه، لتبدأ حكاية جديدة بقي فيها أسير السرير لـ21 عاماً. ابتسم القدر لخلدون بمصادفة جعلته يتعرف على فتاة اسمها يسرا. فهو متفوق في مادة الكيمياء وهي تبحث عن مدرس للكيمياء لتتم دراستها الثانوية. وعلى لسان خلدون: "درستها الكيمياء، فنشأت بيننا كيمياء الحب". تقدم خلدون لخطبة يسرا، التي رأت به شاباً طموحاً، وذكياً، ومُحباً فواقت على الزواج منه، وأرادته أباً لابنتها من زواج سابق "جودي".

لم تقتصر معاناة خلدون على شلله، بل كانت حاجته للتنفس من خلال جهاز تنفس كهربائي هي الخطورة الأكبر على حياته. إذ تفاقمت معاناته بعد أن أصبحت الكهرباء تتعرض لانقطاعات متكررة في سوريا. وهو ما جعل خلدون وأسرته الصغيرة يلجؤون إلى لبنان عام 2012. في لبنان، كانت حالة الكهرباء لا تقل سوءاً، وتعرضت أجهزة خلدون للتلف. وهو ما اضطر زوجته يسرا وابنتها جودي إلى تطبيق التنفس اليدوي المستمر لمدة ١٨ ساعة متواصلة، إلى حين توفير جهاز تنفس كهربائي جديد لخلدون. فما كان من خلدون سنجاب غير الاستغاثة بدولة الإمارات العربية، واستجاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آن نهيان فأمر بنقل خلدون وأسرته إلى الإمارات، عام 2016، لإجراء عملية زراعة بطارية تنفس تقلل اعتماده على الكهرباء.

في الإمارات، عاش خلدون مع أسرته تجارب تُعد الأولى له بعد الحادثة، كالخروج في نزهة بالهواء الطلق وتحت أشعة الشمس، وذلك بفضل بطارية التنفس التي منحته حريّة في الابتعاد عن مقابض الكهرباء في المنزل. كما حقق حلمه في إكمال دراسته الجامعية بمنحة من صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي في جامعة الشارقة بقسم علوم الحاسوب، ويتخرّج كمبرمج محترف يعمل على مشاريع برمجية في مجال الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين.
 
كبرت أسرة خلدون سنجاب، وهو اليوم أب لطفلة اسمها ريحانة وطفل اسمه عبدالكريم أنجباهما هو وزوجته يسرا عن طريق تقنية أطفال الأنابيب. أما أحلامه، فهي التوسع بمجال الذكاء الاصطناعي وإنشاء شركته الخاصة، وعلى الصعيد الشخصي، التمكن من شراء كرسي خاص لحالته يتمكن من التحكم به بشَفتَيه.. فهل تتحقق أحلام خلدون قريباً؟