عامٌ مضى على رحيل عضيد الشدة وصاحب القلب النقي سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحمه الله. بعد مسيرة طويلة أمضاها في العمل والعطاء للوطن، كان فيها كالشمس لوطنه وكالعافية للناس.

سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم هو الابن الثاني للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والأخ الشقيق لحاكم دبي. وُلد عام 1947 وتلقى تعليمه الأساسي في دبي، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة كامبردج في المملكة المتحدة. أسهم في بناء مسيرة الإمارات التنموية وترك بصمات جلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان أول وزير للمالية والاقتصاد والتجارة والصناعة في دولة الإمارات في ديسمبر 1971. امتازت شخصيته بالحنكة والقيادة، وتسلّم رئاسة العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية رفيعة المستوى.

 امتدت أياديه البيضاء إلى عشرات الدول في جميع قارات العالم. وحققت "هيئة آل مكتوم الخيرية" تحت رعايته منذ إنشائها عام 1997 إنجازات إنسانية رائدة، لتشمل أعمالها الخيرية 69 بلداً وملايين المستفيدين من أعمال الإغاثة والتعليم والرعاية الصحية.

في عام 1998 أنشأ جائزة الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز التي طوّرت مسيرة التعليم في الدولة والمنطقة. وغيّرت حياة أجيالٍ متعاقبة، لتشمل عبر السنين دول الخليج ثم مختلف الدول العربية، حتى أصبحت جائزة عالمية بالتعاون مع اليونيسكو في عام 2008. كما أسس سموه في 2001 كلية آل مكتوم للتعليم العالي في مدينة دندي باسكتلندا، التي ساهمت في بناء جسور متينة بين الثقافة الإسلامية والأوروبية ببرامجها وشراكاتها الأكاديمية

بدأت هيئة الصحة خدماتها تحت رئاسته بمركز صحي واحد، ووصلت اليوم إلى أكثر من 48 مستشفى. وحقق قطاع الرعاية الصحية تحت رئاسته قفزات نوعية ووصل إلى مصاف الدول المتقدمة. كما أطلق سموه في عـام 1999 جائـزة حمـدان للعلـوم الطبيـة التي باتت اليوم إحدى أبرز الجوائز الطبية عالمياً، لتحفيز الإبداع في المجال الطبي وتكريم العلماء والأطباء الذين يخدمون البشرية حول العالم.
 
عشق الشيخ حمدان بن راشد الخيول والفروسية خلال نشأته وازداد شغفه بها خلال دراسته في بريطانيا. وأنشأ أول اصطبلاته عام 1981 وحققت خيوله على مدار السنين انتصارات عديدة في مختلف المضامير العالمية. يُعد سموه أول مالك خيل عربي يحقق الفوز ببطولة الديربي الإنجليزي لمرات متعددة منذ عام 1989. كما صنع أمجاد نادي النصر وقاده إلى تحقيق 17 بطولة في مختلف البطولات والرياضات
رحل حمدان بن راشد من الدنيا ولم يرحل من قلوبنا أبداً. وترك خلفه إرثاً من العطاء والرحمة والخير تعجز الحروف عن وصفه والكتب عن جمعه.
وفي ذكرى وفاته الأولى، وثّقت دار راشد للنشر مسيرة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحمه الله العطرة، بكتاب من 8 فصول، يحكي قصة علم من أعلام الإمارات لن تطويه صفحات الذاكرة أبداً.