هل يمكن أن تكون مكتئباً دون أن تعرف ذلك؟! لا أرى الأمر صادماً، فالاكتئاب مرض العصر.

أغلق عيني أحياناً فتعود بي الذاكرة إلى الماضي القريب.. متعثر دراسياً، يزيد وزني عن 105 كيلوجرامات، أسهر حتى الصباح، وأختار أسوأ الصداقات.. أعيش بلا هدف، بلا طموح، والأسوأ من ذلك: بلا إرادة، أفتح عيناي مسرعاً، فلا أريد حتى تخيل العودة إلى هذا الماضي.

شاءت الصدفة أن أتواجد في أحد نزالات الفنون القتالية المختلطة MMA، بين المقاتل الإيرلندي كونر ماكجريجور والمقاتل البرازيلي جوزيه ألدو.. سَرَت قشعريرة في جسدي من المشهد بأكمله.. أداء المقاتلين وقوتهما، وحماس الجمهور، والسحر الذي غمر المكان كله!

كان واحداً من تلك المواقف التي لا تكون الشخص ذاته بعد أن تعيشها.. كان الإلهام الحقيقي الأول في حياتي.. بلا سابق معرفة بالرياضة والتمرينات.. اتجهت للصالة الرياضية لتعلم الملاكمة، ملأ الأدرينالين عروقي وأيقنت أنني وجدت شغفي أخيراً مع نهاية أول تدريب، ولم أفقد الوزن الزائد فحسب، كونت صداقات عديدة في الصالة الرياضية.

وبشكل خاص مع مدرب الملاكمة، وأصبحت جيداً جداً في هذه الرياضة النبيلة! تحوّلت حياتي للأفضل شيئاً فشيئاً.. حصلت على وظيفة في مجال العقارات، ودعاني مدربي لخوض نزالٍ أول في إحدى البطولات المحلية في دبي، قبلت بلا تردد، وانتصرت! لأخوض نزالاً ثانياً وثالثاً وعاشراً.. جميعها بلا خسارة، أصبحت أملك وظيفة وشغفاً وهدفاً في الحياة.. أمور كنت أراها مستحيلة أصبحت مغناطيساً للتحفيز وتحقيق الأحلام.. وسأحقق حلمي بامتلاك سلسلة صالات رياضية متخصصة في الملاكمة، بعمر الـ22 أودع الاكتئاب، السمنة، انعدام الهدف، إلى الأبد.. وأقول بكل فخر: اسمي مصطفى فهمي..  هذه قصتي، هذا أنا.